لندن: جوسلين إيليا
ولد مايكل جاكسون في مدينة غراي في إنديانا الأميركية في التاسع والعشرين من أغسطس (آب) عام 1958 وهو من عائلة سوداء فقيرة، وهو الابن الأصغر للعائلة المؤلفة من 9 أطفال، كان والده جو يعمل في أحد المناجم وكان وراء تأليف فرقة موسيقية أعضاؤها هم أولاد جاكسون الخمسة أطلق عليها اسم «جاكسون 5».
بدأ مايكل مسيرته الفنية منذ أن كان في سن الـ5 وأطلق مع إخوانه الأربعة أول أغنية لهم عام 1968 عندما كان في الحادية عشرة من العمر.
وسرعان ما تربعت الفرقة على عرش المراتب الأولى في سباق الأغاني، ففي عام 1970 استطاعت الفرقة احتلال المرتبة الأولى 4 مرات في أغاني مثل «آي ونت يو باك» و«إي بي سي» و«ذا لاف يو سيف» و«آل بي ذير» وهذا ما جعل من فرقة «جاكسون 5» علامة فارقة غير مسبوقة في عالم الموسيقى.
وانطلق مايكل بصورة فردية في مسيرته الفنية عام 1971 عندما أطلق أغنية خاصة به تحت عنوان «غوت تو بي ذير» والتقى جاكسون بعبقري الموسيقى كوينسي جونز عندما تم اختياره عام 1977 ليؤدي دور خيال المآتة في فيلم يرتكز في قصته على أحداث «ذو ويزيرد أو أوز». عندما انتهى عقد مايكل جاكسون الفني مع أبيه استعان بجونز ليدير أعماله وهكذا كانت انطلاقة مايكل الفنية الرسمية بصورة فردية في عالم الموسيقى وأصدر بعدها 10 أغان، وكان عنوان أول ألبوم أصدره «أوف ذو وول» ولاقى نجاحا كبيرا، إلا أن نقطة التحول في حياة جاكسون وفي تاريخ الموسيقى نفسه كان مع إصدار ألبوم «ثريللر» عام 1982 وتم وقتها بيع 26 مليون نسخة في الولايات المتحدة الأميركية و60 مليون نسخة أخرى في باقي بقاع العالم وتربع على المرتبة الأولى في سباق الأغاني في العالم لمدة 122 أسبوعا.
ذاع صيت مايكل جاكسون كمغن وراقص واشتهر برقصة «المشي على القمر» أو «مون ووك» وقام بتأدية هذه الرقصة المميزة التي كانت ولا تزال تحمل توقيعه على التلفزيون لأول مرة عام 1983 بمناسبة الاحتفال بشركة «موتاون» الموسيقية التي رافقت «جاكسون 5» في بادئ مسيرتها الفنية. تمتع جاكسون بصوت رفيع يمكن تمييزه بين آلاف الأصوات وبموهبة مميزة حاول كثيرون تقليدها، عندما سطع نجمه وأصبح نجما عالميا بلا منازع بدأت تظهر عليه بعض التحولات الجسدية والسلوكية الغريبة ليتحول بعد ذلك من ظاهرة موسيقية إلى ظاهرة بحد عينها ومادة دسمة للإعلام الذي لم يرحمه. ففي مقابلة مع جاكسون صرح بأنه كان يتعرض للضرب على يد أبيه جو واصفا طفولته بالتعيسة والناقصة.
وبدأ شكل ولون جاكسون يتغيران بشكل لافت، فبعد أن كان عرفه محبوه طفلا صغيرا يتمتع ببشرة سوداء وأنف عريض وشعر أفريقي مميز ظهر بأنف أصغر وراح لون بشرته يفتح إلى أن أصبح أبيض، وعزا جاكسون هذا التغير إلى مرض جلدي أصابه وهو في العشرينات من العمر يعرف باسم «فيتيليغو».
ولطالما أنكر مسألة الخضوع لعدد كبير من عمليات التجميل إلا أنه أقر بأنه أجرى عملية واحدة لتصغير أنفه الذي سبب له عقدة نفسية بسبب تعليقات أبيه على شكله في صغره بحيث يقال بأن الأب كان يطلق على مايكل اسم «الأنف الكبير».
وبعدها حول مزرعة في كاليفورنيا إلى مقر إقامة ومتنزه وأطلق عليها اسم «نيفيرلاند» تيمنا ببيتر بان الطفل الذي يرفض أن يكبر، وبحسب بعض المحللين النفسيين فإن مايكل جاكسون كان يعاني من عقدة بيتر بان وكان يخاف من الشيخوخة وأراد في كبره تحقيق ما لم يستطع القيام به في صغره، وطفولة جاكسون الكئيبة لعبت دورا مهما في حياته كنجم وأدت إلى تصادمه مع الصحافة، ويقول أصدقاء مقربون من جاكسون أمثال يوري غيللير إن الصحافة لم تنصف مايكل ولم تفهمه، فهو طفل بريء إلى حد السذاجة في جسد رجل بالغ. وفي عام 1993 تعرضت صورة هذا الإنسان اللطيف والغريب لضربة قوية بعدما تقدم فتى في الثالثة عشرة بشكوى متهما إياه بالتحرش الجنسي. وقد حلت القضية بالتراضي في مقابل دفع 3.23 مليون دولار في حين كانت تقدر ثروة ملك البوب حينها بـ 600 مليون دولار.
في 1994 تزوج جاكسون من ابنة «الملك» ألفيس بريسلي، ليزا ماري بريسلي مما شكل مفاجأة كبيرة ويقال بأن زواجه منها كان بهدف تحسين صورته أمام الصحافة ومحبيه. وفي السنة التالية أصدر ألبوم «هيستوري» الذي كان يفترض أن يشكل عودته الظافرة إلا أنه كان خيبة أمل.
ولم يعمر زواجه بل انتهى بعد عامين فقط ليتزوج بعدها الممرضة الاسترالية ديبي رو التي أنجب منها طفلين هما برينس مايكل جاكسون جونيور، وباريس مايكل كاثرين قبل أن يطلقها عام 1999 وتسربت بعد الطلاق معلومات مفادها أن جاكسون لم يعش مع زوجته في منزل واحد على الإطلاق.
ولجاكسون طفل ثالث هو برينس مايكل الثاني الذي ولد من أم بديلة عام 2002.
وعرف ألبومه «اينفيسبل» الذي صدر في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2001 نجاحا متفاوتا.
في 2003 روى المغني في فيلم وثائقي بريطاني أنه يحب النوم بكل براءة إلى جانب صبيان صغار. وقد تمت تبرئته في يونيو (حزيران) 2005 في إطار محاكمة بتهمة التحرش كان صداها مدويا.
وكانت ثروته قد بدأت تتقلص مما أجبر المغني في 2006 على إعادة جدولة ديونه البالغة حوالي 170 مليون دولار على ما تفيد وسائل الإعلام الأميركية مانحا شركة «سوني» إمكانية شراء نصف مجموعته الغنائية العريقة.
وفي نصر صغير في بحر من المصاعب المالية حصل مؤخرا على إلغاء مزاد علني لبيع بعض مقتنياته الشخصية كان يفترض أن ينظم في كاليفورنيا.
ويقدر حجم ديون مايكل جاكسون الحالية بـ500 مليون دولار أميركي وهذا ما دفعه إلى التعاقد مع شركة «إي إي جي» العالمية وقبول تأدية 50 حفلا في مسرح «أو 2» في لندن ابتداء من الثامن من يوليو (تموز) المقبل وحتى مطلع العام المقبل، متأملا بذلك سداد بعض ديونه.
المعروف عن مايكل جاكسون كرمه الفائض إلى حد الجنون، فأثناء تصوير برنامج وثائقي عن حياته مع الصحافي البريطاني مارتن بشير عام 2003 قام جاكسون برحلة تبضع واحدة كلفتها 3.6 مليون دولار، كما عرف عنه حبه للإنفاق على أشياء غريبة، فهو يملك حديقة حيوانات خاصة به ضمن مزرعته التي اضطر لبيعها لتسديد قسم من ديونه، وانتهى به المطاف في العيش مع أطفاله في عزبة «بيلير» بالإيجار. وعلى الرغم من الفضائح التي رافقت مايكل جاكسون طيلة مسيرته الفنية فإنه تمتع بمعجبين حقيقيين قدموا له الدعم من دون تردد أو شك، فبيعت تذاكر الحفلات الخمسين بعد دقائق معدودة من طرحها في الأسواق، ولكن وبعد أن بدأت تتسرب بعض معلومات مفادها أن جاكسون يعاني من مشاكل صحية وليس حاضرا بعد للبدء بجولته الفنية التي كان يعول عليها كثيرا للنجاح وإثبات وجوده من جديد، اضطر المنظمون إلى تأجيل 5 حفلات وكان من المنتظر أن تبدأ أولى حفلاته في الثالث عشر من الشهر المقبل إلا أن حلم جاكسون انتهى بعد أن وافته المنية أول من أمس بشكل مفاجئ، وقد يكون السبب الرئيسي في وفاته هو الضغط النفسي لأنه كان يعلق آمالا كبيرة على هذه الحفلات لرد اعتباره على الساحة الفنية. وكان من المنتظر أن يؤدي جاكسون خلال الحفلات رقصاته المعهودة وأشهر أغانيه ضمن ديكورات وصفت بأنها غير مسبوقة بحيث تم استعمال أكثر من 3 آلاف قطعة كريستال من سواروفسكي بـ53 شكلا و40 حجما و27 لونا تقدر كلفتها بمليون جنيه إسترليني، وهي الشركة التي تولت مهمة تزيين قفازه المرصع بالكريستال الذي اشتهر جاكسون بوضعه في يد واحدة.
وبعد إعلان وفاة مايكل جاكسون تقدمت الشركة المنظمة للحفلات بأحر التعازي لعائلة جاكسون وأطفاله الثلاثة مضيفة بأنه سيتم النظر في مصير التذاكر في وقت لاحق، في حين أعلنت الشركة المسؤولة عن المبيعات في مسرح «أو 2» بأنها بدأت ابتداء من اليوم برد ثمن التذاكر لهؤلاء الذين قاموا بالحجز مباشرة من المسرح.
وفاة جاكسون تشكل كارثة مادية حقيقية بالنسبة لمسرح «أو 2» والهيئة المنظمة للحفل، فيترتب على الشركة رد ثمن البطاقات لـ750 ألف مشتر ومن الممكن أن تتكبد شركة «إي إي جي» أيضا مبلغا يزيد عن 40 مليون دولار لأن بوليصة التأمين لا يمكنها تغطية الخسائر بالكامل بما في ذلك كلفة الديكور وأجور الراقصين.
ومن المنتظر أن يكون بول ماكارتني أحد أعضاء فرقة البيتلز من المستفيدين من وفاة جاكسون لأن هذا الأخير اشترى أسهما في كاتالوغ البيتلز الغنائي وهو ما قدر وقتها بـ500 مليون دولار ولكن تفيد التقارير بأن جاكسون استدان مبلغ 200 مليون دولار بضمانة تلك الأسهم وهو ما قد يسبب مشكلة إضافية لتقرير حجم ثروة جاكسون المتبقية. ويتوقع أن تبت المحكمة في إمكانية رد تلك الأسهم لماكارتني.
وعن مصير أطفال جاكسون الثلاثة أعلن محامي العائلة براين أوكسمان بأن والدة جاكسون ستقوم برعاية الأطفال إلى أن يبت في الأمر بشكل رسمي، غير أن هناك مصادر صحافية ترجح بأن والدة الطفلين البيولوجية ستقوم برعاية طفليها إلى حين التوصل إلى قرار واضح لمستقبل حضانة الأطفال. وقال براين أوكسمان محامي أسرة جاكسون في تصريحات لمجلة «بيبول» الأميركية: «السيدة (كاثرين) جاكسون تحب الأطفال وستتولى الآن مهمة رعايتهم».